كتبت كاثرين شير أن موجة جديدة من الدول الغربية بدأت تعلن اعترافها بدولة فلسطين، حيث سبقت بريطانيا وكندا وأستراليا ثم لحقتها البرتغال عشية انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وأكد رؤساء الوزراء كير ستارمر ومارك كارني هذا القرار قبل بدء النقاش الأممي، بينما أشارت دول مثل فرنسا وبلجيكا إلى نيتها الانضمام، رغم تحذيرات إسرائيل.
ذكرت دويشته فيله أن القمة الخاصة التي تنعقد في الأمم المتحدة تندرج ضمن مشروع دبلوماسي قادته فرنسا والسعودية لإحياء حل الدولتين باعتباره المخرج الوحيد للنزاع المستمر منذ عقود. أكثر من 145 دولة عضو في الأمم المتحدة اعترفت بالفعل بدولة فلسطين، وينضم إليها الآن عدد من الدول الأوروبية. هذا التوجه يرتبط بالهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل على غزة الذي أودى بحياة أكثر من 65 ألف شخص وفق وزارة الصحة في غزة، بينما قدرت جهات دولية العدد أعلى من ذلك. وفي الأسبوع الماضي خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وهو استنتاج رفضته إسرائيل والولايات المتحدة بشدة.
وصفت بعض الأصوات الاعتراف بأنه مجرد "مسرح سياسي". وأكدت إيناس عبد الرازق، مديرة المناصرة في معهد الدبلوماسية العامة الفلسطيني، أن الفلسطينيين يظلون بلا عدالة أو دولة حقيقية بينما يكتفي الغرب بالرمزية. وكتب الصحفي أوين جونز في الجارديان أن الخطوات ضد إسرائيل "أدائية" لتهدئة الرأي العام. أما ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية فحذر من أن نتنياهو قد يرد بإعلان ضم رسمي لأجزاء من الأراضي الفلسطينية، خصوصًا بعدما صرح مؤخرًا بأن "لن تكون هناك دولة فلسطينية".
رغم ذلك، يرى محللون أن الاعتراف قد يمنح زخماً دبلوماسياً لوقف إطلاق النار. أشار الباحث المصري عمر عوف في مجلة ذا كايرو ريفيو إلى أن سويسرا رفضت عام 1989 طلب انضمام فلسطين لاتفاقيات جنيف بحجة غياب وضوح حول وجود الدولة. أما نومي بار-يعقوب من مركز جنيف للسياسات الأمنية فقالت لدويشته فيله إن الاعتراف لا يغير الواقع فوراً لكنه يرفع مكانة الفلسطينيين في المفاوضات، إذ يختلف التفاوض بين دولتين عن التفاوض مع كيان غير معترف به.
يوضح محللون أن الاعتراف يمثل "ترقية دبلوماسية"، إذ يفرض على الدول المانحة للاعتراف مراجعة علاقاتها مع فلسطين وإعادة تقييم التزاماتها القانونية، ما قد ينعكس أيضاً على علاقتها بإسرائيل. غير أن هيو لوفت من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية شدد على أن الاعتراف "بداية فقط"، وأن العمل الحقيقي يبدأ بعده عبر خطوات عملية مثل العقوبات والمقاطعة.
من جانب آخر، اعتبر جدعون ليفي في صحيفة هآرتس أن الاعتراف لا يوقف الإبادة، بل ينبغي أن تترافق معه إجراءات ملموسة. وأكد خبراء قانونيون أن القانون الدولي يفرض على الدول السعي لوقف جرائم الإبادة سواء كانت فلسطين دولة معترف بها أم لا.
في بروكسل، دعت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى فرض رسوم جمركية أعلى على بعض السلع الإسرائيلية وفرض عقوبات على المستوطنين واثنين من السياسيين الإسرائيليين. وأفاد مصدر أوروبي أن إيطاليا قد تسحب اعتراضها على وقف تمويل الأبحاث العلمية لإسرائيل.
يرى لوفت أن الرمزية ليست بالضرورة سلبية، إذ يشكل الاعتراف من دول مثل فرنسا وبريطانيا تأكيداً لحقوق الفلسطينيين في تقرير المصير والعيش بحرية بعيداً عن الاحتلال. وأضاف أن المزاج العام تغير بعد 2023 بحيث لم يعد الاعتراف نهاية المسار بل خطوة في اتجاه أوضح نحو عدالة أكبر للفلسطينيين.
وبينما يعكف المجتمع الدولي على دراسة العقوبات والإجراءات الملموسة بالتوازي مع الاعتراف، يتضح أن المسار لم يعد رمزياً فقط بل أصبح مؤشراً على تحول أوسع في الرأي العام والسياسة الخارجية. هكذا يظل الاعتراف بدولة فلسطين خطوة مهمة لكنها غير كافية ما لم تُترجم إلى إجراءات عملية توقف الحرب وتحمي المدنيين.
https://www.dw.com/en/what-will-recognizing-palestine-as-a-state-actually-achieve/a-74047802